لقد كان من أعظم كتب ابن حجر قدراً، وأعمقها علوماً، وأحظاها لدى المسلمين: شرحه على الجامع الصحيح – الذي اتفق المسلمون على أنه أصح كتاب بعد كتاب الله – وهو صحيح الإمام البخاري (256)هـ الذي سمَّاه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" والذي يُعَّد بحق أحد دواوين الإسلام المعتبرة، ومصادره العلمية المهمة، فلا يستغني عنه طالب علم ولا فقيه؛ بل ولا مفتٍ ولا مجتهد، فجاء الشرح سفراً ضخماً جليلاً. أخذ في جمعه وتأليفه وإملائه وتنقيحه أكثر من خمس وعشرين سنة، حيث ابتدأه في أوائل سنة 817هـ، وعمره آنذاك 44 سنة، وفرغ منه في غرة رجب من سنة 842هـ فجمع فيه شروح من قبله على صحيح البخاري، باسطاً فيه إيضاح الصحيح وبيان مشكلاته، وحكاية مسائل الإجماع، وبسط الخلاف في الفقه والتصحيح والتضعيف واللغة والقراءات، مع العناية الواضحة بضبط الصحيح. صحيح البخاري ورواياته والتنويه على الفروق فيها، مع فوائد كثيرة وفرائد نادرة واستطرادات نافعة … إلخ حتى زادت موارد الحافظ فيه على (1200) كتاباً من مؤلفات السابقين له.
هذا الكتاب عبارة عن إملاء قام الشيخ بإلقائه على تلامذته، إلا أن هذا الشرح فيه نوع من الاختصار، مع وجود شرح على بعضها بلغة غير اللغة العربية، وترك بعض الأحاديث بلا شرح.
هذا كتاب شرح فيه مصنفه كتاب «الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير» للسيوطي، ورتبه على حسب حروف المعجم ترتيبًا ألفبائيًّا، وقد شرحه شرحًا وافيًا متعرضا للألفاظ ووجوه الإعراب، وضبط الكلمات، ومفسرا للأحاديث بالاستناد إلى أحاديث أخرى وآيات كريمة، ومستخرجًا الأحكام المتضمنة لها والمسائل الواردة فيها، وموردًا أقوال العلماء في ذلك، ملتزمًا السهولة واليسر فلم يكثر من نقل الأقاويل والاختلافات، وقد اشتمل الكتاب على الكثير من الفوائد والفرائد والتحقيقات والتدقيقات.